الأشجـار الخشبيـة
الشجرة هى من أرقى النباتات فهى تمر بمراحل عمرية مثل الإنسان طفولة وشباب وشيخوخة. والشجرة تصل لإرتفاعات شاهقة فهى تربط بين عنان السماء وباطن الأرض كما وصفها الحق فى كتابه العزيز “كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء” ابراهيم 24.
وتعرف الأشجار الخشبية بأنها تلك الأشجار التى يصل ارتفاعها عند النضج والبلوغ حوالى 18 قدم وتخلو من الأفرع عدة أقدام من سطح الأرض.
وتضم الأشجار الخشبية مجموعة نباتية كبيرة بعدد لاحصر له من النباتات التى تتصف ببعض الصفات المشتركة، وتلعب الغابات الإستوائية دور كبير فى ميزان الكربون العالمى، كما تلعب دور معنوى كمصدر للطاقة المخزونة، ولكن إزالة الغابات بكميات كبيرة فى الفترة الأخيرة كان من أسباب إرتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية.
وتعد مجاميع الأشجار الخشبية من النباتات التى لا تستهلك خصوبة التربة مثل المحاصيل العادية وذلك لأن جذورها تتعمق فى التربة فى الطبقة العميقة الداخلية ( التحت سطحية) حيث أن خصوبة التربة تتركز فى الطبقة السطحية التى تنمو فيها جذور النباتات العادية. كما أنه لتكوين الخشب فى الأشجار الخشبية تحتاج الشجرة إلى الضوء و ثانى أكسيد الكربون الموجود فى الغلاف الجوى لتكوين الجلوكوز الذى يدخل فى تركيب وحدة السليلوز. وأيضاً متطلبات الأشجار الخشبية من العناصر الغذائية لتكوين وحدة وزنية من المادة الجافة أقل من المحاصيل العادية وهذا يفسر صلاحية الأراضى الفقيرة لنمو الأشجار الخشبية فيها. ومن الجدير بالذكر أن ما تستهلكه الأشجار من العناصر الغذائية يعود للتربة عند سقوط أوراق الأشجار فى الأرض وتحللها. وتلعب الأشجار الخشبية دور كبير فى تنقية الأراضى من المواد و العناصر غير المرغوبة فى التربة وذلك بإمتصاصها وخزنها فى أوراقها فتعمل على إصلاح الأراضى وجعلها صالحة للزراعة بالمحاصيل العادية.
و الأشجار الخشبية لها دور كبير فى حياتنا ولها أهية إقتصادية كبيرة حيث تعتبر مصلح حيوى لجميع أنواع الأراضى التى بها مشاكل ويتخصص كل نوع شجرى لعلاج نوع معين من الأراضى:
فمثلاً الأراضى التى بها طفلة يصلح لها: التاكسوديوم والسرو
الأراضى الغدقة: الكافور والتاكسوديوم
الأراضى الملحية: المانجروف والبرسوبس
الأراضى الجافة: الكازورينا والسرو
الأراضى الغير خصبة (الفقيرة): الأنواع البقولية واللبخ
الأراضى الرملية حيث تعمل على تثبيت الرمال ومنع التعرية ويصلح لها: الأكاسيا سالجينا والعبل
كما أن الأشجار الخشبية تعتبر مصلح حيوى للمناخ لكلٍ من المناخ الماكرو (الكبير) والمناخ الميكرو (الصغير). حيث أن الأشجار الخشبية الخشبية تعدل من المناخ الماكرو عن طريق خفض درجة الحرارة، وتعدل من المناخ الميكرو عن طريق تعديل الرطوبة الجوية وزيادتها.
وعموماً الأشجار الخشبية تزرع فى أنواع أراضى لاتصلح لزراعة المحاصيل الأخرى، كما أنها تروى بمياه لا تصلح لرى المحاصيل الأخرى (مياه الصرف).
مصر لا توجد لديها غابات طبيعية ولكن عندها تجمعات شجرية مجازاً يقال عنها غابات مثل غابات المانجروف على ساحل البحر الأحمر و غابات الشورى فى جنوب الصحراء الشرقية. ولسد حاجة السوق فتستورد مصر من الأخشاب والمنتجات الخشبية ما قيمته 642 مليون دولار سنوياً (إحصائية الفاو 2002) وهذا الرقم يزداد بالرغم من أن مصر تملك مقومات إقامة وزراعة الغابات سواء فى الأراضى الجافة والنصف جافة والأراضى المروية. فالحل إذن هو الإكثار الصناعى للأشجار الخشبية (أى إستزراع الغابات) وهو الوسيلة التى يجب أن تسلكها الدول الفقيرة لتنمية ثرواتها الخشبية، وتركز فيها على الأنواع سريعة النمو ذات صفات خشبية جيدة ولها أهمية إقصادية كبيرة وفى نفس الوقت ملائمة للظروف البيئية السائدة.
وبالفعل مصر لديها 25 غابة مستزرعة على مياة الصرف الصحى مثل القصاصين فى المنيا وغيرها، وهذا من إنجازات القسم.
وللقسم خطط مستقبلية كبيرة ولكن مايعوقه هو دورة القطع الطويلة للأشجار الخشبية وبطئ عودة رأس المال وبالتالى لا يقبل عليها رجال الأعمال فتحصر تنمية الأشجار على عاتق الحكومة، والقسم ليس لديه مشاريع للتنمية من قبل وزارة الزراعة، بالإضافة لقلة دخل وحدة القسم فهذا يعرقل تقدم الأبحاث بالرغم من أنه فى بلاد أوربا يوجد معهد للأشجار الخشبية وليس قسم داخل معهد، كما فى دولة من دول الخليج أيضاً يوجد معهد مستقل للأشجار الخشبية، وذلك لأنهم علموا جيداً اهمية الأشجار الخشبية فى حياتهم فأدوا لها ما يتفق مع أهميتها. ولذلك نتمنى من الوزارة أن تولى إهتمام أكبر بالأشجار الخشبية وتخصيص مشاريع لها وتخصيص ميزانية خاصة بها.
أهمية زراعة الأشجار الخشبية :-
أولاً: الفائدة المباشرة من زراعة الأشجار الخشبية هى:
- إنتاج الخشب الذى يدخل فى التصنيع فى الإعمال الإنشائية وصناعة الأثاث والصناعات الخشبية الأخرى خاصة وان مصر فقيرة من إنتاج الأخشاب ولذلك فهى تستورد سنويا أخشاب بقيمة 643 مليون دولار
- إنتاج الخشب الخام واستخدامه فى إنتاج الطاقة كوقود
- إنتاج أخشاب مستديرة كالأعمدة وسوارى المراكب
- إنتاج عجينة الورق بعد معاملتها بمعاملات كيماوية خاصة
- إنتاج خشب القشرة والأبلكاش وألواح الخشب الحبيبى وعيدان الكبريت وانتاح السليلوز الذى يستخدم فى إنتاج الحبر الصناعى
ثانياً: الفوائد الغير مباشرة:
وهى المنتجات الثانوية الغير خشبية واهمها :
- إنتاج الفلين من بعض أنواع الأشجار الخشبية كالبلوط Quercus suber
- إنتاج الأعلاف الخضراء للماشية والأغنام والتى تنتج من أوراق وثمار بعض الأشجار البقولية مثل ِ Acacia saligna وكذلك Prosopis juliflora وكذلك P. Tamarugo والبنجاميا حيث ثبت ارتفاع القيمة الغذائية لها.
- إنتاج المواد الراتنجيه من الصنوبر، والصموغ من أشجار الصمغ العربى Acacia senegalensis
- إنتاج مواد الدباغة حيث ينتج قلف بعض الأشجار المواد التانينه كما فى أشجار الاكاسيا والسنط العربى
- إنتاج الزيوت الطبية والعطرية كالمستخدم من أزهار الفتنه Acacia farnesiana ومن أوراق وأزهار الكافور كما يستخرج زيت حيوى من ثمار الجاتروفا Jatrofha Carcus
- إنتاج بعض المستحضرات الطبية من أوراق وثمار وبذور بعض الأشجار كما فى استخدام الأجزاء المتحللة بالنقع من ثمار وبذور شجرة اللالوت أو تمر العبيد Balanite aegyptiara كملين وطارد للديدان وخافض للسكر وكذلك بذور وثمار المورنجا Moringa olifera فى علاج الفطريات واستخدام ثمار النبق Zizyphus Jujuba لعلاج الربو الشعبى وأمراض الحساسية واستخدام أوراق أشجار Tilia فى علاج الكحة واستخدام مادة السلسلات فى عمل الاسبرين وادوية الروماتيزم من أوراق الصفصاف.
ثالثاً: الفوائد البيئية للأشجار:
تستخدم الأشجار الخشبية كنوع من أنظمة الحماية البيئية الطبيعية حيث تعمل على حماية الموارد الطبيعية البيئية: (الأرض – الماء – الهواء – الكساء الخضرى – الثروة الحيوانية والكتلة البشرية ) ويمكن تلخيص أهمية أشجار الحماية فى النقاط التالية :
- يستخدم الأشجار كمصدات للرياح لحماية الحقول المنزرعة بالمحاصيل الحقلية أو البستانية وهنا تمت زراعتها فى اتجاه عمودى على اتجاه الرياح لكسر شدتها والتقليل من أضرارها ونزرع فى الاتجاه الذى تهب فيه الرياح خاصة الجهة الشمالية والغربية وبفضل زراعتها حول الأربعة اتجاهات للمزرعة، هذا ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار النقاط التالية عند زراعة مصدات الرياح
- إن تكون المسافة بين الأشجار المنزرعة كمصدات للرياح لا تقل عن 1.5 – 2 م فى حالة استخدام الكازوارينا أو السرو ومسافة 3 -4 م فى حالة استخدام الكافور والسرسوع وان يزِرع فى صفين المسافة بين الصف والآخر لا تقل عن 2م – 3 م وان تبعد عن المحاصيل المطلوب الحماية لها لمسافة لا تقل عن 4م – 5م وان يكون أشجار الصف الثانى بالتبادل مع الصف الأول.
- تكرار زراعة المصدات داخل المزرعة المطلوب الحماية حيث تزرع صف واحد من المصدات بعد مساحة حوالى 120 م بعدا من المصد الرئيسى الأول ويكرر ذلك.
- أن يتوفر فى الأشجار المستخدمة كمصدات أن يكون من الأنواع سريعة النمو وذات جذور متعمقة ومستديمة الخضرة وذات نمو خضرى وفير وان تكون أدراجتها من النوع الغير سام.
- تستخدم الأشجار فى تثبيت زحف الكثبان الرملية وبالتالى مكافحة التصحر مثل الأكاسيا والبروسوبس وغيرها.
- تستخدم أشجار الحماية فى حفظ شواطئ الترع والقنوات من الانهيار مثل الحور والصفصاف.
- نزرع الأشجار فى مواقع السيول والمنحدرات حتى تقلل من اندفاع المياه وتقليل الضرر.
- تستخدم بعض أشجار الحماية كنوع من الصرف البيولوجى خاصة فى الاراضى ذات مستوى الماء الارضى المرتفع مثل أشجار الكافور – الحور – الصفصاف – تاكسوديوم.
- استخدام أشجار الحماية فى إصلاح التربة الكيماوية والطبيعية حيث تعمل الأشجار على زيادة المادة العضوية وبالتالى زيادة المواد الدبالية والعناصر الغذائية العضوية وتعمل على تنشيط الكائنات الحية الدقيقة بالتربة وتعمل الأشجار على علاج الاراضى الملحية والقلوية حيث إن بعض الأشجار كالاتل – الكازوارينا – الكافور – السرو لها القدرة على امتصاص الأملاح الزائدة فى التربة وتقلل من الصوديوم المتبادل وتعمل الأشجار الخشبية على تقليل PH فى التربة فيؤدى ذلك الى سهولة امتصاص المواد الغذائية. كما أن بعض أنواع من الأشجار الخشبية لها القدرة على تثبيت الأزوت الجوى كما فى حالة الأشجار البقولية كالأكاسيات والكاسيات والسرسوع حيث تكون على مجموعها الجذرى بكتريا الريزوبيوم وكذلك بعض الأشجار كما فى الكازوارينا ينمو على جذورها الفرانكيا وهى أيضا تثبت الأزوت الجوى أو أشجار الصنوبريات ينمو على جذورها فطر الميكروهيزا وهو يعمل على تحويل التتروفوسفات من الصورة الثلاثية الغير صالحة للامتصاص الى الصورة الأحادية السهلة الامتصاص.
- استخدام الأشجار الخشبية فى الزراعة المختلطة مع المحاصيل فى نظام Agro forestry حيث تم زراعة الأشجار داخل المساحات المنزرعة بالمحاصيل الحقلية أو الخضر أو الفاكهة لتعظيم الاستفادة من المساحة المنزرعة حيث تعمل الأشجار على تغيير المناخ الدقيق للمساحة المنزرعة فتعمل على تقليل الحرارة صيفا وفى وقت الظهيرة بحوالى 4-5 درجات مئوية وتعمل على رفع درجة الحرارة شتاءا وأثناء الليل وكذلك تعمل الأشجار الخشبية على رفع الرطوبة النسبية فى المنطقة وتعمل على تقليل النتح من النباتات المنزرعة وتقليل البخر من التربة نظرا لأنها تعمل على تقليل سرعة الرياح وتقليل الضرر الناشئ منها مما يعمل على زيادة الإنتاج للمحاصيل المنزرعة، وكذلك يمكن للمزارع الاستفادة من الأشجار كمنتج خشبى جيد يزيد من دخل المزارع، هذا ويفضل استخدام الأشجار البقولية فى هذا النظام المختلط أو الأشجار التى ينمو مجموعها الجذرى رأسيا وليس أفقيا حتى لا تنافس المحاصيل وتعمل هذه الأشجار على زيادة الأزوت والفوسفور كنوع من التسميد الحيوى.
- استخدام الأشجار فى حفظ توازن غازات الغلاف الجوى وتقليل التلوث الهوائى، فمن الواضح ان المصدر الرئيسى لغاز الأكسجين على سطح الأرض هو ناتج من الكساء الخضرى بفضل عملية البناء الضوئى وتلعب الأشجار دورا هاما فى إنتاج هذا الغاز وفى نفس الوقت تعمل على التخلص من ك ا2 حيث ثبت انها تخلص الجو منه بما يوازى اكثر من 20 %.
- تعمل الأشجار على مقاومة التلوث السمعى والضوئى حيث انها تعمل على تشتت الموجات الضوئية وتحمى المارة خاصة السيارات من الأضواء المبهرة عند زراعتها على الطرق السريعة، بالأضافة الى انها تخلص الجو من الأتربة وتعمل كمصفاه طبيعية للغازات الضارة فى المناطق الزراعية.
- تعمل الأشجار على تقليل الاهتزازات الأرضية الناتجة عن حركة المعدات الثقيلة مثل القطارات فيفضل زراعتها بجانب شريط القطار لتقليل الأثار الضارة من الاهتزازات الأرضية وتقليل الضرر على المبانى المجاورة للقطارات.
زراعة الأشجار الخشبية:
يتم زراعة الأشجار الخشبية عن طريق البذور ويسمى التكاثر البذرى أو الجنسى، أو عن طريق التكاثر الخضرى بالعقل أو الترقيد أو التطعيم.
مواعيد زراعة الأشجار الخشبية:
يمكن زراعة بذور الأشجار فى مارس وحتى سبتمبر وأول أكتوبر وتقسم مواعيد الزراعة الى:
- الأنواع سريعة النمو مثل: الكازوارينا – والكافور – والأكاسيا، وتزرع فى بداية الربيع ويتم تفرديها بعد 1.5 شهر وتكون جاهزة للزراعة فى الأرض المستديمة فى شهر ديسمبر من نفس العام.
- مجموعة الأنواع بطيئة النمو مثل المخروطيات ( السرو) Cupressus spp – الصنوبرياتPinus spp والخروب Ceratonia Siliaua وهذه تزرع فى الخريف المبكر فى سبتمبر وأكتوبر ويتم تفريدها عندما يصل ارتفاع البادرة 10 سم وتكون جاهزة للزراعة فى الاراضى المستديمة فى الربيع التالى أو الصيف
- مجموعة الأنواع ذات الورق العريض مثل الزنزلخت – النيم – يوانسيانا – جاكرندا – روبينا – سرسوع – كايا – ماهوجنى – بلتيفورم وهذه تزرع فى نهاية الشتاء وبداية الربيع وتكون جاهزة للزراعة فى الأرض المستديمة خلال الشتاء التالى وقد تبقى فى المشتل لمدة عام واحد. هذا ويجب ألا تزرع بذور النوع الواحد مرة واحدة، ولكن على فترات كل أسبوع لتجنب حدوث ظروف جوية معاكسة تسبب تلف النوع ولضمان الحصول على بادرات بصورة منتظمة خلال موسم الزراعة. وعند زراعة البذور الرهيفة كالكافور – الكازوارينا – التوت تخلط بمزيج من الرمل ثم تزرع لتوزيع البذور بانتظام فى الأحواض او المواجير والصناديق.
وسوف إن شاء الله يتم عرض أهمية كل نوع شجرى فى أعداد قادمة.
دكتورة/ منال حنفى محمود محمد منصور
قسم الأشجار الخشبية-معهد بحوث البساتين
مركز البحوث الزراعية